لدكتور غسان شحرور..كاتب وباحث صحي
هل تعرف ما هو أهم وأفضل وأرخص من مئات علب الحلوى والشوكولا التي لا تتوقف عن تقديمها لأطفالك
إنها العناية بصحة وسلامة أسنانهم، هذه الأسنان التي
طالما تغنى الشعراء بسحرها وجمالها، وطالما أكّد الأطباء على أنها مرآة
صحّة الإنسان وسلامته، ونسي الكثيرون أن المحافظة على هذا الجزء المهم من
الصحّة يبدأ باكرا منذ الولادة، من خلال العناية بالأسنان اللبنية التي
كثيرا ما يهملها الأهل بحجة أنها مؤقتة، وفي طريقها إلى الزوال، ولا حاجة
للعناية بها.
فما هي هذه الأسنان اللبنية؟. وما هو دورها؟. وكيف تتم العناية بها؟.
صحّة الفم والأسنان
تصدّرَ
موضوعُ صحّة الفم والأسنان قمة اهتمام الجهات الدولية والحكومية والأهلية
في عام 1994، وذلك عندما اعتمدت منظمة الصحة العالمية شعار "صحّة الفم...
عنوان صحّة الجسم" ليوم الصحّة العالمي لذلك العام، وقد أجمعت الفعّاليات
والدراسات الإحصائية التي أجريت في تلك المناسبة أن نخر الأسنان وأمراض
اللثة هما أكثر أمراض الفم انتشارا بين أبناء الجنس البشري، وأنهما
يتفاقمان في معظم البلدان النامية. وأكّدت أيضا على أن التثقيف والمشاركة
من قبل الجميع يعتبران مفتاح تحقيق التقدم في مجال صحّة الفم التي هي
ضرورة لا بد منها لتحقيق الصحّة للجميع، وهي الغاية التي تسعى إليها كلُّ
دول العالم بحلول العام 2000 .
ولا شك أن تسليط الضوء على
موضوع العناية بأسنان الأطفال اللبنية، ينبعُ من ضرورةِ تزويد جميع قطاعات
المجتمع، ولا سيما الوالدين، بالمعلومات الأساسية، المتعلّقة بصحّة الطفل
وتغذيته، وضرورة تطوير الرعاية الصحّية الوقائية، والإرشاد المقدّم
للوالدين، لأن ذلك حقٌ من حقوق الطفل، لايينبغي إغفاله أو تجاهله في هذه
المرحلة المبكّرة من الحياة
ما هي الأسنان اللبنية؟ .
وهي
الأسنان الأولى التي تظهر عند الطفل، وعددها عشرون سنا، وعندما يولد الطفل
تكون جميع أسنانه اللبنية قد تكوّنت تماما في باطن الفك، وعندما يبلغ عمر
الطفل 6 - 8 أشهر تبدأ أسنانه اللبنية بالظهور تباعا، فتبدأ ببزوغ سنّين
صغيرين في منتصف الفك السفلي، ثم سنّين كبيرين في منتصف الفك العلوي، ثم
سنّين آخرين في الفكّين العلوي والسفلي، فيبلغ مجموعهم ثمانية، تدعى هذه
الأسنان الثمانية بالقواطع، وهي تعمل في تقطيع الطعام إلى أجزاء فعندما
تأكل تفاحة تقطعها بأسنانك القاطعة،والتي تعمل كالمقص، أما الأسنان التي
تلي القواطع فتسمى بالأنياب، وعملها تمزيق الطعام، وللمرء أربعة أنياب
اثنان في كل فك، وتليها الأرحاء وعددها ثمانية، أربع في كل من الفكّين،
ويوجد اختلاف كبير في أوقات ظهور الأسنان اللبنية، فإذا بدأت الأسنان
اللبنية بالظهور بصورة مبكّرة يكتمل عددها مبكّرا، أي عند بلوغ الطفل
العامين من عمره.
ما أن يبلغ الطفل السادسة من العمر، حتى تبدأ
أسنانه اللبنية بالزوال، فيفقد منها القواطع بين السنة السادسة والثامنة
من العمر، ثم يفقد الأرحاء والأنياب بين التاسعة والحادية عشر، وتحلُّ
الأسنان الدائمة محلًّ الأسنان اللبنية بشكلٍ تدريجي.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]عوارض ظهور الأسنان اللبنية:
تظن
الأمهات أن ظهور الأسنان اللبنية يرافقه ارتفاعٌ شديدٌ في الحرارة أو حدوث
الإسهال أو الإقياء وغير ذلك، لكن الحقيقة أن بزوغ الأسنان أمرٌ طبيعي
لاعلاقة لها بتلك الاضطرابات التي غالبا ما تحدث في هذه السّن، وما يرافق
التسنين عادة هواضطراب محدود في النوم، كثرة في اللعاب، ارتفاع بسيط في
الحرارة أحيانا، ويصبح الطفل متململا سريع التأثر، ويقوم بوضع يده في
فمه،ويجتاز معظم الأطفال هذه المرحلة بسلام، وفي بعض الحالات النادرة يضطر
طبيب الأسنان إلى قطع الثة التي تغطي الأسنان،كي يساعدها على الظهور، أو
قد يعطي للطفل المسكن المناسب موضعيا أو عن طريق الفم من أجل تخفيف آلام
الطفل، وبشكل عام سرعان ما تزول جميع الأعراض التي يعاني منها الطفل عند
ظهور الأسنان
وقد تتأخر أسنان الطفل بالظهور حتى يبلغ السّنة
ولا يعدُّ ذلك حالة مرضية، وينصح عادة بزيارة الطفل لطبيب الأسنان في عامه
الأول والثاني للاطمئنان على صحّة الفم والأسنان.
هل تتعرّض الأسنان اللبنية إلى النخر؟.
يعدُّ
نخرُ الأسنان من أوسع أمراض المدنية الحديثة انتشارا، إذ تبلغ نسبة
انتشاره في بعض الأقطار 95% ، ويعود السبب في انتشار هذه الإصابة إلى
نوع وقوام الغذاء، إذ يؤدّي تناول الأطعمة الدبقة، كثيرة السكاكر، ولا
سيما بين وجبات الطعام إلى الإصابة بنخر الأسنان، وهناك العديد من العوامل
التي تؤثّر في حدوث النخر وانتشاره، من بينها تركيب السن وهو يتأثر بعوامل
وراثية وغيرها، وطبيعة الوسط الفموي والرعاية الصحّية وغيرها.
وحالما
تظهر الأسنان اللبنية في فم الطفل الرضيع، يمكن أن تتعرّض إلى الإصابة
بالنخر والتلف، وذلك نتيجة ما يحتويه الحليب أو عصير الفواكه من السكاكر،
ويزداد خطر الإصابة إذا نام الطفل في الليل أو النهار، وكانت حلمة زجاجة
الرضاعة في فمه ولمدة طويلة، حيث ينقص إفراز اللعاب أثناء النوم، فتتركّز
المواد السكّرية وتكثُف حول الأسنان، فيؤدّي هذا الأمر إلى حدوث النخر
وانتشاره التدريجي.
كيف نعتني بالأسنان اللبنية؟:
حقا إن
العناية بأسنان الأطفال اللبنية هي أفضل ما يمكن أن نقدّمه لأطفالنا ، بل
إنها أفضل وأهم من علب الحلوى والشوكولا التي لا نتوقف عن توفيرها لهم،
فالعناية بأسنان الطفل أمرٌ أساسي في الحفاظ على سلامتها وبقائها حتى
زوالها التلقائي، ومن الخطأ إهمال الأسنان اللبنية بحجة أنها مؤقتة،
فوجودها في الفم يساعد على النطق السّليم، والمضغ الجيد، وإكساب وجه الطفل
منظره الجميل، وأهم من ذلك كلّه أنها تقوم بحفظ المكان المناسب للأسنان
الدائمة، ولذلك فيجب الحرص على عدم تقديم زجاجة الإرضاع للطفل في السرير
قبل النوم، ذلك أن الحليب الذي يرضعه الطفل والمتبقي بالفم، يساعد على
نموّ الجراثيم والتي بدورها تعمل على تشكّل الحموضة ونخر الأسنان، وإذا
اضطرت الأم لتقديم زجاجة الرضاعة إلى الطفل قبل النوم، فيعطى الطفل عندها
الماء فقط، ومن الضروري عدم الاستمرار في إعطاء زجاجة الرضاعة للطفل بعد
أن يبلغ العام والنصف من العمر، فحلمة زجاجة الرضّاعة قد تسبّبُ تشوها في
أسنان الطفل، وكذلك الأمر عند استعمال ما يسمى باللهّاية، أو عند اعتياد
الطفل على مص الإبهام.
إن فقدان الأسنان اللبنية وسقوطها باكرا
بسبب النخر أو الرض يدفع الأسنان المجاورة للامتداد مكانها فتبزغ الأسنان
الدائمة مائلة، وفي غير مكانها المناسب مما يسيء إلى منظرها وجمالها،
فيؤثّر على حالة الطفل النفسية، وقد يؤدّي إلى مشكلةٍ في إطباق الفكّين قد
تكون صغيرة أوكبيرة الأمر الذي يستدعي لاحقا إجراء تقويم الأسنان الذي
يكلّف الكثير من الوقت والمال.
ويجب ألاّ ننسى في هذه العجالة
أهمية الإرضاع الوالدي، والغذاء المتوازن للطفل، والحاوي على الفيتامينات
والأملاح الضرورية، والتي تساعدُ على ظهور الأسنان وصحّتها، كما ينبغي عدم
إعطاء الأطفال أدوية دون استشارة الطبيب، إذ أن بعض الزمر الدوائية ثبت
أنّها تضرُّ بالأسنان وتجعلها هشة ضعيفة.
درهم وقاية:
لا بد للأم أن تتذكّر دائما ما يلى:
· عدم ترك حلمة زجاجة الرضاعة في فم الرضيع أثناء النوم.
· لا يعمل الحليب على إحداث نخر الأسنان، لكنه يصبح مؤذيا إذا بقي في الفم مدة طويلة.
· يجب مسح أسنان الطفل بقطعة قماش ناعم بعد كل وجبة طعام.
· يجب تعليم الطفل كيفية استعمال فرشاة الأسنان منذ أن يبلغ العامين والنصف من عمره.
· الاستعانة بمادة الفلور إذا كانت مياه الشرب في المنطقة خالية من تلك المادة، وذلك يتم تحت إشراف صحي.
· زيارة طبيب الأسنان الدورية كفيل بمعالجة المشاكل السنية أو منع ظهورها، ومن ثم الحفاظ على صحّة الأسنان وجمالها.