والله لن تصدقوا ما ساحدثكم عنه، تالله اعتقدت بأنني كنت في أفقر أحياء مقديشو بالصومال، وليست دولة نفطية تبيع ملايين البراميل من النفط أسبوعياً، ولكنها تاكنس، حيث جبل قبيلة العبيد، عرين عمر المختار، الذي بعونهم صنع لنا مجداً لازلنا – دون حياء – نتغنى به.
ذهبت كما هي عادتي أتحرى واستقصي – ويا ليتني لم أفعل كما سترون من هذه الصور – مكامن قوة الآباء والأجداد، وبواعث شجاعتهم النادرة في التصدي لمشروع استعماري شرس، أراد الهيمنة على مصائرنا، ورهن مستقبلنا، وإذا بي أمام أبناء رفاق وحراس عمر المختار، وهم يعيشون في بيوت بنيت من صفيح الزينقو تفتقر إلى مقومات الحياة والحياء، فها هو عبد الكريم بلعرجة – وهو ابن المجاهد إسماعيل بلعرجة - الذي مثل شخصيته الممثل الايطالي ردولفو بيقوتي حين قفز من على حصانه ليعطيه لعمر المختار الذي هرب عنه حصانه في الوطيس، ليقبض على بلعرجة وليأمر غراتسياني بعد التحقيق معه بأن يعطوه فاكهة وعسل ومن ثم يشنقوه في الصباح.
والعجيب أن عبد الكريم يعيش ومعه عشرة أطفال في خربة تتكون من غرفتين ومربوعة أخذها من مواطن سوداني كان يسكنها، والمضحك المبكي أنها معرضة للإزالة، وعندما أظهرت امتعاضي، حمد الله لي، الذي لا يحمد سواه على مكروه، وقال: إنه أفضل حالاً من أخيه الذي يسكن الشليوني.
وليس أبناء المجاهد عبد السلام بوعند بأفضل حالٍ، فهم يسكنون الصفيح المتهرئ، كما كان جسد والدهم وهو يدافع عن هذا الوطن الذي تنكر لذريته من بعد ما تركنا، والله لو كان هؤلاء في دولة تحترم مواطنيها الأحرار لأنزلوا في قصور لما قدموه لهذا الوطن من تضحية وقرابين، لكي نتشدق ونقول بأننا قاتلنا ولم نركن للمغتصب.
ومن قبل ذهبت لزيارة زاوية القصور، التي كان يدرس بها عمر المختار الصبية، ورأيت كيف آل حالها ومن حولها، فقد هدمت الزاوية، أما الكهف الذي كان قد نصب عليه الشيخ عمر المختار خيمة لتظلل الطلبة قد سدوها بالرمل ومن ثم أرادوا بناء – على حد قولهم – استراحة للعقيد القذافي، ولكن يبدو أنهم نهبوا تمويل المشروع، فتركوه أعمدة مكشرة تشكو ظلمهم وطمعهم لرب العالمين، أما حال الناس الذين كانوا يسكنون الصفيح حول الزاوية، أخبرني أحدهم بعدما سألت، فرد وقال: إن إيطاليا التي حاربناها قد عشمت فينا وفي جهادنا، والله إذا ما انضممنا إلى الطليان لكان حالنا أفضل من البؤس والعوز الذي نعيشه هذه الأيام في دولة تدخل عليها البلايين من دولارات النفط الذي ابتلانا الله به …
أما حال من يسكن منطقة العقيلة؛ فمن قتلهم الطليان في المعتقل أفضل حالاً ممن يعيشون بالمنطقة حالياً .. فعلى الأقل ضحايا الطليان شهداء سعداء .. أما سكان المنطقة حالياً فهم في الفقر بؤساء تعساء في العراء كما يشهد على ذلك مسجد المعتقل .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .. وإليكم الصور فهي أبلغ تعبيراً
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]