قال مروان بن أبي حفصة الشاعر: خرجتُ أريد مـَعـْنَ بن زائدة
أمدحه بقصيدة لي، فلقيت أعرابيـًا في الطريق، فسألته: أين تريد؟ فقال:
هذا الملك الشيباني (يعني ابن زائدة). قلت: فما أهديتَ إليه؟ قال:
بيتين. قلت: فقط؟! قال: إني جمعتُ فيهما ما يسرّه. فقلت:
أنشدهما. فأنشدني: معنُ بن زائدةَ الذي زيدتْ بـه شرفا على شرفٍ بنو
شيبان إنْ عُـدّ أيـــام الفَعــال فإنّمــا يومـاه يـومُ ندًى ويوم طعانِ
وكنتُ قد نظمت قصيدتي بهذا الوزن. فقلت للأعرابي: تأتي رجلاً قد كثـُر
الشعراء ببابه بيتين اثنين؟! قال: فما الرأي؟ قلت: تأخذ منـّي ما
أَمَّلـْتَ بهذين البيتين وتعود أدراجك. قال: فكم تبذل؟ قلت: خمسين
درهماً. قال: لا والله، ولا بالضـِّعف. فلم أزل أرفـُق به حتى بذلتُ
له مائة وعشرين درهمـاً. فأخذها وانصرف. وأتيتُ معن بن زائدة، فأنشدته
قصيدتي بعد أن جعلت البيتين في وسط الشعر. فوالله ما هو إلا أن بلغتُ
البيتين فسمعهما، فما تمالك أن خرّ عن فـَرْشـِه حتى لصق بالأرض. ثم قال:
أعد البيتين. فأعدتهما. فنادى: يا غلام، ائتني بكيس فيه ألف دينار
وصُبـّها على رأسه، وأعطه دابة وبغلاً وعشرين ثوباً من خاصّ كـُسـْوَتي!
من كتاب "الموشـَّح" للمَرْزُباني