ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــليس هدفنا هو التشهير بمثل تلك القضايا التي طوتها سجلات
المحاكم و طواها الزمن أيضا في صفحاته العتيقة والتي نسيت في زحمة الحياة
وأصبحت مجرد ملفات
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أثقلت كاهل الأرفف التي امتلأت بحكايات وقصص تقطر ألما ومرارة.
قالت:
حكايتي بدأت منذ اليوم الذي ولدت فيه منذ كنت أبحث عن معنى
لكلمة “بابا” التي كثيراً ما أسمعها ولكن لم أشعر بها كنت أسأل أمي أين
أبي؟ ومن هو؟ ولماذا تركنا؟
علمت أنه خارج البلاد وأنه متزوج من أجنبية أقام معها في
بلدها متناسياً أبناءه من زوجته وبنت وطنه “الليبية”والتي لم تكتف بلقب
المطلقة ،بل بحثت عن زوج آخر ليلملم لها آثار جراحها الماضية ونحمد الله أن
زوج والدتي لم يمانع في بقائنا معها لأنه وبكل بساطة مقيم في بيت عائلة
والدتي.
تعودنا على غياب والدي ولم نشعر بحاجتنا إليه ليس السبب هو
حنان والدتنا ولكن لأننا نسينا وجوده في حياتنا ،هكذا هي قضيتي الأولى،
أما عن قضيتي الثانية والثالثة والرابعة فقد بدأت داخل أروقة المحاكم
والكل يعلم بها، فقد كان كل ما أطلبه “العيش بلا قيود تكبلني وتمنعني من
التمتع بالحياة على النحو الذي أحب ورغما عن كل البشر” وفي الوقت الذي قررت
أن أتحرر من قيودي وضعت نفسي داخل متاهات انتهت “بوصمة عار”.
القضية الثانية: بدأت حين كنت في الثالثة
عشرة من عمري تلقيت ذات يوم اتصالاً هاتفياً من صديقة لي مقيمة ببنغازي
دعتني لحضور حفل عيد ميلادها.. فرحت كثيرا بهذه الدعوة وركضت مسرعة إلى أمي
أطلب منها أن تسمح لي بالذهاب لعيد الميلاد عندها رفضت والدتي ذهابي بشدة
خصوصا عندما علمت أن الحفلة ستقام في مدينة بنغازي وكانت حجتها أن تلك
المدينة تبعد مئات الكيلو مترات ولن تقبل ذهابي بمفردي توسلت إليها مرات
ومرات ولم أكف عن استجدائها ولكن دون فائدة ،فأخذت قراري بمفردي واستقللت
حافلة وانطلقت إلى مدينة بنغازي بمفردي دون أن أعلم أمي وما أن وصلت إلى
المحطة حتى أخذت سيارة أجرة “تاكسي” لتوصلني إلى حيث تسكن صديقتي التي
استقبلتني بحفاوة كبيرة ورحبت بي ضيفة عندها وجاء يوم عيد الميلاد الذي من
أجله تخطيت كل المسافات وكانت حفلة رائعة مختلطة بين شباب وبنات رقصنا
وسهرنا بعدها خرجنا من الحفلة نجوب شوارع المدينة التي طالما تمنيت العيش
فيها بحرية دون رقيب أو حسيب ،وقفنا بجانب الرصيف ننتظر قدوم سيارة الأجرة
لنستقلها كانت الشوارع شبه خالية وبالكاد تشاهد أضواء سيارة قادمة من
بعيد.. لم يطل انتظارنا فلقد كان هناك ذئاب بشرية تتربص بنا وقفت سيارة
فارهة يقودها شاب في ريعان شبابه وكانت هيأته تدل على أنه شاب ثري أو ابن
مسؤول ،المهم أنه كان يمتلك سلطة ونفوذا ولا يمكن لأحد أن يردعه ولكن كانت
صدمتي كبيرة عندما نظرت إلى صديقتي التي كانت بجانبي أخافتني ملامح الهلع
والرعب التي ارتسمت على وجهها حين رأته يقترب منا كانت صديقتي تعرفه جيداً
لأنها ما إن رأته حتى تجمدت في مكانها سألتها عمن هو هذا الشاب ولكنها لم
تستطع أن تتفوه بكلمة طلب منا أن نصعد معه في سيارته وعندما رفضنا قام
يجرني بالقوة كنت أنظر إلى الوراء لعلني أرى صديقتي التي سوف تصرخ وتنادي
بأعلى صوتها أنقذوا صديقتي من بين أنياب هذا الوحش المفترس ولكن خاب ظني
فلم أجد أثراً لصديقتي وكأن الأرض انشقت وأبتلعتها وتركتني أصارع هذا الوحش
البشري بمفردي كنت أقاوم وأصرخ لعلني أسمع ولو أصداء صراخي في وحشة الليل
المعتمة صفعني بقوة على وجهي ورمى بي داخل السيارة ومن ثم أغلق الأبواب لكي
يمنعني من الهروب وطار مسرعاً يجول بكل ثقة تلك الشوارع الخاوية وكأنه
يملك المدينة بأسرها وقفت السيارة وشدني من شعري وأخذ يجرني كفريسة سهلة
تحصل عليها أثناء تجواله في الطرقات دفع بي إلى داخل منزله كنت أصرخ ولكنه
كان ضخم البنية فلم أستطع مقاومته وكتم أنفاسي بيده ليوقف صراخي حين أيقنت
بأنني لن أنجو من بين مخالبه أجهشت بالبكاء وتوسلت إليه أن يتركني وشأني
كنت أكتم عبراتي الخانقة إلا أن الرحمة لم تعرف طريقها إلى قلبه قام
بالاعتداء علي بالقوة ولم يكتف بذلك بل جعلني أسيرة لديه يومين كاملين دون
طعام أو شراب كل هذا ليشبع غريزته الحيوانية يومين كاملين وأنا أصارع هذا
الوحش المفترس امتلأ جسدي كدمات على الرغم من أنني استسلمت له .
وبعدها قام وبكل بساطة برميي في الشارع وألقى على وجهي
دنانيره الملطخة بدماء الضحايا وكأنها مكافأة نهاية الخدمة وجدت نفسي تائهة
وسط شوارع بنغازي لم أعرف أي طريق أسلك لأصل إلى حيث تسكن صديقتي وبعد
رحلة طويلة من البحث عثرت على المنزل وما أن دخلت حتى شرحت لصديقتي كل ما
حدث معي في ليلة عيد ميلادها وأعلمتها أن صديقتنا “….” التي كانت بصحبتي
تخلت عني وفضلت الهروب قمت بعد ذلك بالاتصال بأمي وطلبت منها أن تأتي إلي
صرخت عبر الهاتف تعالي بسرعة أنا تعرضت للاغتصاب لم تصدق أمي ما سمعته
وأصبحت تلقي باللوم علي وهكذا بدأت رحلتي داخل أروقة المحاكم أبحث عن حقوقي
التي كنت السبب في ضياعها وبعد صراع مرير حكم علي بالسجن لمدة ستة أشهر
وجلدي خمس عشرة جلدة كل هذا وأنا لم أبلغ الرابعة عشرة من عمري خرجت من
بنغازي وأنا أحمل معي هدية تذكارية من تلك المدينة وبعد فترة بسيطة تقدم
شاب لخطبتي وافقت والدتي على الفور وفي لمح البصر وجدت نفسي متزوجة وأما ً
لطفلين كان زوجي مليئاً بالعاطفة والحب عشت معه ثلاث سنوات من أجمل لحظات
حياتي… ولكن لم تدم تلك السعادة فحين امتلأت جيوبه بالمال قرر أن يتزوج
بامرأة أخرى لم أعارضه في قراره ورضيت بأن تشاركني زوجة أخرى في حياتي إلا
أن تلك “العروس” رفضت أن تنزل على ضرة لذلك قام زوجي وبكل بساطة بإلقاء
ورقة الطلاق في وجهي ودفع لي هو أيضاً مكافأة نهاية الخدمة وكان الثمن
ثلاثة آلاف دينار… ربطت أحزمتي وانطلقت إلى بيت والدتي” بيت العائلة” أما
ابناي فمكثا مع والدهما رغما عني عشت في دوامة من الصراعات والمشاكل دون
انقطاع قررت أن أذهب للعيش من جدتي “والدة أبي” ولكن لم تعجبها تصرفاتي
فانزعجت مني كثيراً كانت تمنعني من الخروج والسهر مع الأصدقاء كان هناك شاب
ربطتني به علاقة حب حميمة كان يتردد علي في منزل جدتي باستمرار ولكن حين
ازداد الخناق حولي رفضت تلك القيود وخرجت من منزل جدتي إلى حيث يقيم هذا
الشاب عشت معه أياماً مليئة بالدفء والحنان كان زوجي ولكن دون أوراق رسمية
كان يقوم بالصرف على المنزل كأي زوج مسؤول عن أسرته، وذات يوم اكتشفت أن
علبة سجائري قد فرغت فقلت له إنني بحاجة إلى سيجارة رأسي يؤلمني بشدة فقال
لي سوف أخرج إلى المحل لأجلب لك السجائر ولكن الوقت كانت متأخراً كثيرا
لذلك رفضت خروجه وقلت له سوف أتحمل حتى الصباح ولكنه أصر على الخروج وعندما
وقفت أمام الباب الخارجي لأمنعه صفعني على وجهي وطلب مني الدخول إلى البيت
غاب عني حتى الساعة الثالثة ليلا ولم أستطع الانتظار أكثر من ذلك ،ارتديت
ملابسي وخرجت أبحث عنه في الشوارع دخلت إلى مراكز الشرطة وإلى المستشفيات
كأنني أبحث عن طفل تائه وأثناء عودتي إلى البيت فوجئت بسيارة “مدششة”
مجهولة الملامح ولكن حين اقتربت منها عرفت أنها سيارة “حبيبي” ركضت مسرعة
أبحث عنه في كل مكان ذهبت إلى مستشفى “البريقة” فلم أجده توجهت بعد ذلك إلى
مراكز الشرطة قالوا لي إنهم قاموا بتحويله إلى إحدى مستشفيات “إجدابيا” لم
ترَ عيناي النوم طوال الوقت وركضت من مستشفى إلى مستشفى وعند الساعة
السادسة صباحاً أخذت سيارة أجرة وذهبت إلى المستشفى الموجود فيها “…….”
ولكن عائلته منعتني من رؤيته وطلبوا مني أن أتركه وشأنه لم أستطع تنفيذ
رغبتهم كنت أتحمل كل ما يقولونه في حقي المهم عندي أن أكون بجانبه حتى يخرج
معافى من المستشفى وعند خروجه سافر إلى خارج البلاد لكي يعالج هناك ورجعت
إلى بيتي وأغلقت كل الأبواب والنوافذ ووجدت نفسي وحيدة بين أربعة جدران كنت
أتحدث مع نفسي طوال الوقت انتظرته كثيرا على أمل أن يعاوده الحنين إلى تلك
الأيام الجميلة ولكن انتظرته كان سراباً ووهما وبعد عدة أيام سمعت طرقات
قوية على بابي خفت كثيراً كانت هناك أصوات رجال تناديني باسمي قائلة اخرجي
وإلا كسرنا الباب عليك ،قمت لفتح الباب وإذ بأعداد من رجال البحث الجنائي
أمامي سألتهم والخوف يملأ قلبي عن سبب مجيئهم فقالوا لي هيا معنا سوف
تعلمين هناك كل شيء وجدت نفسي متهمة بقضية تحريض على القتل واستدراج رجل
أمام بيتي ليقوم بعض الشباب بقتله لم أعرف من هو هذا الشاب الذي وجدوه
مرمياً على الأرض أمام منزلي وعندما استدلوا على القاتل اعترف بجريمته
فخرجت من تلك القضية، ولكن لم أخرج من السجن فلقد اتهمت بقضية مواقعة للمرة
الثانية وهأنا موجودة منذ سنة خلف تلك القضبان الباردة وكل هذا بسبب رفضي
تلك القيود الخانقة…وهذه حكاتي التي رويتها بكل تفاصيلها فلعل كل من تبحث
عن الحرية ستدفع ثمنها من عمرها.
وكانت قورينا الحوادث قد نشرت أحداث هذه القضية في عددها475
حوار : رجاء الشيخي