السادات فال يوما :-الواد المجنون بتاع ليبيا

أتصور أن جنون معمر القذافي قد اكتمل الآن، وأنه مثل مبارك وبن علي لا يصدق أنه انتهي لا يصدق أن العواصم العربية، التي طالما تحملت شططه وشتائمه ومغامرات أسرته، هي نفس العواصم التي تلعنه وتصفق بانبهار لثوار ليبيا وتسارع للاعتراف بهم

ليس مطلوبا أن يصدق القذافي ، وليس مهما حتي الكشف عن مصيره الغامض، لكن المهم هو ما الذي يمكن أن يفعله من مخبأه؟ هل تصبح الثروة التي جناها من دم شعبه وقودا لثورة مضادة يقودها نجله سيف الإسلام ، أم تصبح مجرد رشوة سياسية لأي دولة تمنحه اللجوء السياسي وتبعد عنه شبح المحاكمة كمجرم حرب؟

لعل القذافي هو أكبر راشي بين الحكام العرب، لقد اعتاد تمويل الاغتيالات السياسية وكان يتصرف كـ قرصان مع خصومه السياسيين دول وأفراد كما اعتاد إخراس وسائل الإعلام بسيف الاغتيال أو ذهب النفط الشيء الوحيد الذي ربما لن يقبله أو يتعود عليه هو خروجه من التاريخ محملا باللعنات

لقد عاش معمر بعقدة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، وتحول من أمين للقومية العربية كما اسماه ناصر إلي قائد أممي ، يحمل لقب عميد الحكام العرب وملك ملوك إفريقيا رغم أن أدق وصف له وأصدق لقب يمكن أن يحمله هو الواد المجنون بتاع ليبيا كما قال السادات رحمه الله

مجنون ليست صفة تعفيه من العقاب، أو الملاحقة الدولية كأشهر مجرم حرب في التاريخ المعاصر لكنها تشخيص حالة لقائد جر بلاده إلي الحظر الكامل بعد قرار من مجلس الأمن بتسليم اثنين من مواطنيه مشتبه في ضلوعهما في حادث لوكيربي لكن الحظر الذي عانته ليبيا كان أهون من تسليم شهود للمجتمع الدولي يثبتون أن مجنون ليبيا هو المحرض الرئيسي علي الحادث القذافي كان يتصرف مثل كل المجانين الذي حكموا بعض عواصم عالمنا العربي يختزل الوطن في شخصه وأسرته، فتصبح نزوات الابن سببا لقطع العلاقات مع سويسرا مثلا ووقف تصدير النفط لها بسبب اعتقال هانيبال وتوقيفه لمدة يومين بتهمة الاعتداء علي خدمه قبل الإفراج عنه لاحقًا بعد دفع مليون فرنك سويسري كفالة ومثل كل الطغاة الذين حكمونا، كان يجهز سيف الإسلام لخلافته في حكم ليبيا، إنها لعنة الأبناء من عدي وقصي نجلي صدام حسين إلي جمال مبارك و سيف الإسلام القذافي نفس الطموح الجارف والغطرسة واحتكار السلطة

نفس موديل العائلة الحاكمة من تونس إلي ليبيا مرورا بمصر ثروات بالمليارات، إعلام راقص يزيف وعي الأمة، ترسانة حربية من أجهزة الأمن والمخابرات نحن نصنع الطغاة ونعبدهم ثم نكفر بهم ونلعنهم ثم نأكلهم وكأنهم آلهة من الشيكولاته

لكن ليبيا ليست مصر ولا تونس، تلك مقولة صحيحة تماما، فالجيش المصري لم يدخل في مواجهة مسلحة مع الشعب ولا مبارك رغم كل خطاياه حسم معركته بالسلاح كما فعل القذافي وابنه القذافي هدد بإغراق البلد في حرب أهلية، وسلح مليشيات موالية له ولأسرته وأصبح الرصاص هو الحكم في كل شارع أو زنجه لكنه لم يكسب إلا إصدار مذكره توقيف له ولنجله سيف الإسلام من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية

لقد حلم الرئيس الليبي بلقب خليفة المسلمين ، وسعي لأن يكون خليفة المسلمين فأصبح مجرم حرب القذافي الذي استفز أوروبا بأكملها حين دعا لأن يصبح الإسلام دينها تجلت كرامات ملك ملوك إفريقيا في أسلمة بعض ملوك «إفريقيا الخضراء»؟ لكن الصحف الإيطالية فضحته حين كشفت أنه استأجر عدة فتيات إيطاليات لحضور ندوته الدينية مقابل يورو ونسخة من المصحف الشريف لكل فتاة في الوقت الذي إلتزمت فيه وسائل الإعلام العربية الصمت، ربما لأنه يتعامل بكفر مع من يتجرأ ويقترب من سيرته

وبحسب نشر موقع ويكيليكس تقارير عن العقيد معمر القذافي يتصدر قائمة أثرياء الزعماء العرب بثروة تقدر بـ مليار دولار، وهي ثروة تقارب ستة أضعاف ميزانية ليبيا للعام م البالغة مليار دولار ويبدو أن ثروته كانت كفيلة بشراء ضمائر كثير من السياسيين والإعلاميين في العالم منهم من تبرأ منه، حين تأكد من نجاح ثورة ليبيا، ومنهم من لايزال ينتظر دورا أشبه بالدعارة السياسية إنهم تماما مثل أيتام صدام الذين تاجروا في كوبونات النفط ليدعموا الطاغية العراقي ومع الوقت يزدادون يتما لأنهم لا يعيشون إلا في ظل وكنف الطغاة الطغاة يتساقطون في ربيع الثورات العربية، لكن أيتامهم يبدلون الأقنعة ويتحركون بيننا فأحذروهم