وقفت صامته مكانها .. شعرت في تلك اللحظة باختلاط المشاعر .. فهي باردة كالثلج من الخارج .. ولكنها مشتعلة كالنار من الداخل .. وقفت تشبثت في الأرض حتى لا تقع .. وأصبحت كأنها جزءاً لا يتجزأ منها .. وظلت هكذا وقتاً من الزمن .. لم تستفيق من سباتها وشللها إلا حينما ارتمت أمواج الشاطئ علي أقدامها .. تسألت في أعماقها أنه المغيب تري كم مضي من الوقت وأنا هنا ؟؟ .. أنه البحر .. نعم البحر .. تلك البوابة التي اختزنت كل أحزانها والتي ترتمي في أحضانها الآلف المرات .. فكان في كل مرة يهدهدها كالطفل ويغني لها ترنيمة الحياة في لحناً رائع من أمواجه .. وتخرج من بين أمواجه المتراطمة بأفضل حال .. تذكرت تري ماذا أفعل هنا ؟! .. ورفعت يدها لتعيد الخصلات المتطايرة من شعرها الأسود الفاحم إلى الوراء .. ومسحت قطرات مياه البحر من علي وجهه وأغمضت عيونها التي أخذت لونها من لون الليل فكانت سوداء كالليلة لم يظهر فيها القمر .. نعم أنه الهروب .. لطالما هربت من الحياة من البشر من أحزاني .. حتى من لحظات سعادتي القليلة التي أخافها .. لأنها في أغلب الأوقات هي تأتي لكي تجر خلفها الحزن والألم والدموع .. تنهدت بصوت مسموع وهمست لنفسها .. نعم كانوا جميعاً يعرفون مكاني حين أهرب منهم .. فلم يكن لدي مكان أرتمي إليه إلا هنا .. كم أتمني أن أظل هنا وأعيش هنا حتى أموات هنا .. نعم أنا والبحر فقط .. فأنا هو وهو أنا .. لم أعد أريد أي من البشر .. تنهدت .. فشعرت بالنار تخرج مع أنفاسها .. تسألت تري هل أخطأت حين هربت منها قبل أن تكمل كلماتها ؟؟ .. ولم تنتظر طويلاً فقد ردت علي نفسها قبل أن تكمل السؤال .. نعم قد أخطأت لم أكن أدري إلى أين تأول الأمور وماذا سوف تقول في أخر حديثها .. تم أنتفضت وصرخت بأعلي صوتها كما لو كان هناك من يسمعها .. لا لست مخطأة فهي تريد أن تتركني .. تريد أن تخذلني .. تريد أن تتركني أعيش الوحدة من جديد .. وهي تعلم أن الوحدة كادت أن تقتلني .. تنهدت بعمق كأنها تنفض الحقيقة من أعماقها .. نعم أنا أخطأت لا يمكنني الهروب .. هي تظل صديقتي وتظل لها حياتها الخاصة .. وركعت علي الشاطئ وتنهدت بعمق وهي تنظر إلى دموعها التي بدأت تجد لها مكاناً ومستقراً في أحضان الأرض .. نعم لها حياتها ومن حقها أن تتزوج وأن تتركني.. هنا شعرت بيد علي كتفها تقول لها بصوت حنون .. وحتى أن تزوجت فتأكدي أنني لأن أنساكي لأنكي أختي قبل أن تكوني صديقتي .......