الثروة المائية
الوطن العربي غني بثرواته المائية المتعددة ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة
، نظر لطول سواحله ، وتعدد بحاره وبحيراته ، وكثرة مجارية المائية العذبة
ومستنقعاته . وقد عرف العربي معظم هذه الثروات فاستغلها منذ أقدم العصور
واتخذ منها غذاءه وزينته .
أما العن الغذاء فمن المعروف أن سكان السواحل من العرب أمكنهم صيد الأسماك
البحرية منذ القدم والاعتماد عليها كغذاء رئيسي ، كذلك فعل سكان أودية
الأنهار وشواطئ البحيرات . أما عن الدواء فقد أمكن العرب استخراج الزيوت
من كبد بعض الأحياء المائية كما استخرجوا العنبر من معدة نوع من الأوال
التي تعيش في البحر العربي . أما عن الزينة فقد أمكنهم استخراج اللؤلؤ من
مياه الخليج العربي والمرجان والأصداف البحرية من مياه البحر الأحمر ، كما
أمكنهم استخراج الإسفنج من مياه البحر المتوسط ، والملح من الملاحات
المنتشرة إلى طول السواحل العربية .
والواقع أن المياه العربية تحتوي ثروات ضخمة متعددة أمكن للعرب استغلال
بعضها في الماضي ، ولا يزال أغلبها ينتظر الاستغلال اللائق حتى وقتنا
الحاضر . فمن العناصر المستغلة ، ولكن بصورة بدائية ، الأسماك و الإسفنج
والملح من الملاحات ، والقشريات ( الجمبري والكابوريا ) والأصداف واللؤلؤ
، والأملاح المعدنية ، والطيور المائية ، والمزارع السمكية ، والماء العذب
من ماء البحر . أما العناصر التي لم تستغل بعد فأهمها الطحالب البحرية ،
والزيوت السمكية ، ودقيق السمك ، والنباتات المائية من البحيرات .
الثروة السمكية
تشكل الأسماك أهم موارد الثروة المائية في الوطن العربي وأوسعها انتشارا
وأكثرها استغلالا ,لأنها تمد سكان هذه الوطن بغذاء بروتيني أساسي يحميهم
من أمراض سوء التغذية ، ويعوض النقص الواضح في الثروة الزراعية أو
الحيوانية عند بعض الأقطار العربية ، كما أن زياد الإنتاج السمكي يدعو إلى
ازدهار مشروعات التصنيع التي من أهما صناعة حفظ وتعليب الأسماك ، وصناعة
استخراج الزيوت والشحوم السمكية الذي يستخدم في علف الحيوان والدواجن .
ورغم طول السواحل العربية ( 21100 كيلومتر ) وتعدد البحار المطلة عليها ،
وكثرة البحيرات والمسطحات والمجاري المائية الداخلية المختلفة إلا أن
إنتاج الوطن العربي من الأسماك لم يتعد 1,029,264 طن وهو ما يوازي 1,37%
من جملة الإنتاج العالمي الذي بلغ 74,7 مليون طن عام 1981 ، وهذا يظهر
ضآلة الإنتاج العربي من الأسماك رغم الإمكانيات الكبيرة الكامنة في
المسطحات المائية العربية ، ويرجع ذلك للأسباب التالية :
1- بداية الأساليب المستخدمة في عمليات الصيد
البحري وخاصة أن السفن المستخدمة معظمها شراعية أو تسير بالمجاديف مما أدى
إلى قصر معظم عمليات الصيد على المسطحات المائية المجاورة ليابس، ومع ذلك
فخلال السنوات الأخيرة بدئ باستخدام السفن الآلية المجهزة بوسائل التبريد
على نطاق واسع وخاصة في المغرب ومصر ومنطقة الخليج العربي، حتى أن أسطول
الصيد ا أعربي الحديث يجوب حاليا أعالي البحار والمسطحات المائية الممتدة
غربي القارة الأفريقية لغناها بالأسماك.
2- صعوبة النقل بين معقم المناطق الساحلية
والأجزاء الداخلية المزدحمة بالسكان والتي تشكل الأسواق الرئيسية لتصريف
الأسماك، مما يزيد من تكاليف نقل الإنتاج السمكي ويطيل الفترة الزمنية
وخاصة أنه لا تستخدم وسائل التبريد على نطاق واسع حتى الآن.
3- الافتقار إلى رؤوس الأموال التي تمكن من
استغلال مسطحات مائية واسعة تزخر بثروتها السمكية في الوطن العربي، فبحيرة
ناصر الواقعة جنوبي مصر مثلا ثبت غناها الكبير بالعديد من أنواع الأسماك
كبيرة الحجم التي يمكن استغلالها على نطاق اقتصادي، إلا أنه يقابل ذلك عدة
صعوبات لعل أهمها عدم توفر رؤوس الأموال! التي تمكن من تحقيق ذلك.
4- عزوف السكان في جهات متعددة من الوطن العربي
عن احتراف الصيد وعدم إقبال قطاعات عريضة منهم على تناول الأسماك رغم
غناها بالبر وتينات وانخفاض أسعارها بالقياس إلى أسعار اللحوم الحمراء
والدواجن.
وتستخرج الثروة السمكية العربية اليوم من مصادر رئيسية ثلاثة هي:
ا- البحار والمحيطات.
2- البحيرات الساحلية والداخلية.
3- المجاري المائية العذبة والمستنقعات.
الثروات المائية الأخرى
يمتلك الوطن العربي ثروات بحرية أخرى غير السمك أهمها الإسفنج الذي يستخرج
من مياه البحر المتوسط ، واللؤلؤ الذي يصاد من مياه الخليج العربي ،
والأملاح التي تستغل من شواطئ معظم الأقطار العربية وبخاصة من سواحل مصر
والسودان واليمن الجنوبية ، كما يستخرج من البحار و المنخفضات الداخلية ،
كالبحر الميت في فلسطين والأردن ، ومنخفض النطرون في مصر والرمال السوداء
التي بدئ في استغلالها من مصر الشمالية .
الأسفنج:
كائن بحري ينمو في القاع في كثير من البحار الدافئة، ويعد البحر المتوسط
من أهم مواطنه في العالم. ويبلغ عدد فصائله نحو عشرة آلاف نوع نتباين من
حيث الشكل والحجم ونعومة الملمس، ينمو فوق القاع في عدد كبير من الحقول
(المنابت) تمتد من خليج قابس في تونس غربا إلى سواحل الشام شرقا. ويرجع
ذلك إلى ملاءمة هذه النطاقات البحرية لنمو الإسفنج لتوافر عدة خصائص منها
طبيعة القاع الصخرية مما يساعد على نمو الإسفنج وتثبيته على سطح القاع دون
صعوبة تذكر، صفاء المياه، ملاءمة درجات الحرارة لنموه. ومعنى ذلك أن
الإنتاج العربي من الإسفنج يستخرج من مصايد تونس وليبيا ومصر وفلسطين
المحتلة ولبنان وسوريا.
وتعتبر مصايد تونس أهم مصايد الإسفنج من حيث الإنتاج وتأتي بعدها مصر
ويقدر إنتاجها بنمو 40 ألف طن تقريبا. وهي أقدم المصايد عهدا إذ بدئ في
استغلالها منذ أوائل القرن التاسع عشر وهي تمتد من مرسي مطروح في الغرب
إلى ضاحية العجمي- غربي الإسكندرية- في الشرق، ويتم صيده في مواسم خاصة
تمتد من شهر أيار ( مايو ( إلى شهر تشرين الأول ( أكتوبر ) من كل عام.
وكان اليونانيون والإيطاليون أول من قاموا بصيد الإسفنج في السواحل
المصرية إلا أن المصريين أصبحوا يزاولون هذه الحرفة بنجاح مع بداية
الستينات في القرن العشرين.
وتقوم حرفة صيد الإسفنج من المياه التونسية وبخاصة بالقرب من قابس، أما في
سورية فيصاد الإسفنج غربي طرطوس وجزيرة أرواد. كذلك تقوم الحرفة على طول
سواحل ليبيا وبخاصة داخل المنطقة التي تمتد من المهدية في برقة إلى حدود
طرابلس. كذلك يصاد الإسفنج من مياه لبنان وفلسطين الإقليمية إلا أن
استغلال هذه الثروة لا يزال في بداية الطريق وفي أيدي أجنبية.
اللؤلؤ:
ويعد من الثروات المائية التي اشتهر بها الوطن العربي منذ العصور القديمة
وأحسن أنواعه في الخليج العربي والبحر الأحمر، وأهم مناطق جمعه على الشاطئ
العربي في الخليج وبخاصة سواحل عمان والبحرين، بينما تدهورت الحرفة في
الكويت بسبب اكتشاف البترول داخل أراضيها وبالقرب من سواحلها وانصراف
الغواصين عن هذه الحرفة بعد منافسة اللؤلؤ الياباني الصناعي للؤلؤ العربي.
وتعد البحرين اليوم أكبر سوق لتجارة اللؤلؤ حيث يتجمع فيها ما يصيده
سكانها وسكان ساحل عمان. ولعل الدافع الرئيسي لاستمرار استغلال اللؤلؤ في
كل من عمان والبحرين هو قلة ما تنتجه هذه الجهات من البترول.
المرجان:
وهو من الثروات المائية التي أشتهر بها البحر الأحمر منذ القدم، ويستخرج
اليوم من بعض الصخور المرجانية وخاصة بالقرب من سواحل شبه الجزيرة العربية
المطلة على البحر الأحمر. ويستخدم المرجان الأحمر في صناعة الحلى، أما
المرجان الأسود المعروف تجاريا اسم " أليسر" فيستخدم في صناعة المسابح،
والنوع الأخير يوجد في المنطقة الواقعة بين أملج وينبع في السعودية.
الأملاح المعدنية:
تعد اليوم من أهم الثروات المائية نظرا لقيمتها العظيمة في عالم الصناعة
والطب. وتتوافر هذه الأملاح بكميات كبيرة في مياه البحار والبحيرات
العربية، وتستغل في الوقت الحاضر في مواضع كثيرة على طول الساحل وفي
الداخل، إلا أن استغلالها لم يصل بعد إلى الحد اللائق فمجال التطور واسع
والمستقبل الاقتصادي عظيم القيمة.
ويعد ملح الطعام (كلوريد الصوديوم) أهم الأملاح المعدنية المستغلة في
الوطن العربي، ويتم الحصول عليه عن طريق تبخير كميات من مياه البحيرات أو
الشطوط أو الملاحات أو البحار عن طريق حجز كميات كبيرة من المياه في أحواض
صغيرة أو برك مغلقة تمتد على جوانب المسطحات المائية السابق الإشارة
إليها، وبعد فترة تتبخر المياه بفعل أشعة الشمس ويتبقى الملح على السطح
كراسب غير نقي يمر بعد ذلك بعمليات التكرير.
ويستخدم الملح في العديد من الأغراض، فبالإضافة إلى. دوره الغذائي يستخدم
في صناعات دبغ الجلود والأصباغ والورق والحرير الصناعي والمخصبات، إلى
جانب استخدامه الواسع في عمليات التبريد وإنتاج المنظفات، وقد اكتسب الملح
أهمية كبيرة في مجال الصناعات الكيميائية لتعدد العناصر التي تعتمد عليه
في إنتاجها وهي:
- الصودا الكاوية التي يتم الحصول عليها عن طريق
التحليل الكهربائي لمحلول الملح، وتتميز الصودا الكاوية باستخدامها الواسع
في صناعات متعددة.
- كربونات الصوديوم الشائع استخدامها في صناعات الورق والمنظفات
و الزجاج
- كلورات الصوديوم المستخدمة في إنتاج المبيدات.
- الكلورين المستخدم في إنتاج الأصباغ وعمليات التعقيم.
وينتج الوطن العربي 2.9 مليون طن عام 1980 وهي كمية لا تشكل أكثر من 2. 1%
من جملة الإنتاج العالمي مما يؤكد ضآلة الاهتمام بهذا القطاع الإنتاجي رغم
تعدد الملاحات في الوطن العربي وانخفاض تكلفة الإنتاج بصورة عامة.
وتتصدر مصر الدول العربية في إنتاج ملح الطعام حيث بلغ إنتاجها عام 1985
حوالي 699 ألف طن وهو ما يشكل 4. 36% من جملة الإنتاج العربي، ويستخرج
الملح من الملاحات المنتشرة على طول ساحل البحر المتوسط وخاصة في منطقتي
المكسر وأدكو، ويفيض الانتاج عن حاجة البلاد، فتصدر سنويا كميات كبيرة إلى
الأسواق العالمية.
وتأتي تونس في المركز الثاني بين الدول العربية المنتجة لملح الطعم بعد
مصر إذ بلغ إنتاجها نحو 316 ألف طن وهو ما يعادل4. 16% من جملة الإنتاج
العربي، وش!تخرج الملح هنا من البحيرات الساحلية والداخلية وتعرف الأخيرة
باسم الشطوط وأهمها شط الجريد، ويفيض الانتاج عن حاجة الأسواق المحلية
لذلك تصدر تونس كميات متباينة كل عام إلى الأسواق الخارجية.
وتأتي فلسطين المحتلة المركز الثالث من حيث حجم الانتاج إذ بلغ إنتاجها من
الملح 218 ألف طن وهو ما يكون 3. 1 ا% من جملة الانتاج العربي.
ولملاحات عدن شهرة واسعة في مجال إنتاج ملح الطعام منذ زمن بعيد ولا تزال
اليمن الجنوبية تحتل مكانا بارزا بين الدول العربية في مجال إنتاج الملح.
وتنتج باقي الدول العربية كميات متباينة من ملح الطعام، وأهم هذه الدول من
حيث حجم الانتاج الجزائر والعراق وسوريا والسودان والمغرب. وتعد الكويت من
أحدث الدول العربية المنتجة لملح الطعام فقد بدأت إنتاجه عام 1966 حين
بلغت الكمية المنتجة حوالي أربعة آلاف طن ومنذ العالم المذكور والإنتاج في
تطور مطرد حتى بلغ 20 ألف طن عام 1980 وبذلك زاد إنتاج الكويت من الملح
بنسبة 400% خلال الفترة الممتدة بين عامي 1966- 1980 مما يعكس الاهتمام
الكبير بهذه الحرفة في الكويت.
ومن الأملاح التي ينتجها الوطن العربي أملاح البوتاسيوم التي تستخدم بصورة
أساسية في إنتاج المخصبات، إلى جانب استخدامها في الصناعات الكيمائية
وخاصة إنتاج الصودا الكاوية، كما تستخدم في صناعات الزجاج والبورسلين
والصابون ورؤوس أعود الثقاب والمفرقعات والصباغة والدباغة.
وتستخرج أملاح البوتاسيوم بكميات كبيرة من البر الميت الذي يعد أكثر
البحار الداخلية ملوحة في العالم (حوالي 315 كلغ من الأملاح المختلفة ني
اللتر الواحد من الماء) لذلك تنتج فلسطين المحتلة كميات كبيرة من أملاح
البوتاسيوم تبلغ نحو مليون طن سنويا لذا تشكل الأملاح عنصرا رئيسيا في
عناصر صادرات فلسطين المحتلة إلى الأسواق الخارجية